د محمد عمارة يتحدث عن: موقف الإسلاميين من الغرب وأسباب ظاهرة الإسلاموفوبيا ..

مرحبا بك نشكرك على زيارتك ويهمنا ان تعطينا رايك في ما يعرض في هذه المدونة

الأديب عبد الله كنون قراءة منهجية في كتاب النبوغ المغربي


                                                                                   

 


                                             بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة عن المنهج:
لاشك أن أي بحث في أي مجال من المجالات المعرفية نجاحه وثمرته موقوفة على الخطوات المنهجية المتبعة في انجازه وجدير بالباحث في الأدب العربي أن يرسم لنفسه منهجا رصينا  يتبعه أثناء بحثه لأنه كما يقولون اللامنهج هو عين الفوضى والتزاما بهذه القاعدة التأسيسية فإننا سوف نتناول عرضنا  هذا- المتواضع- على الشكل الآتي:
أولا: اعتمدنا في هذا البحث عل مصادر مشهورة ومعلومة كمقدمة ابن خلدون الوافي بالأدب العربي في المغرب  الأقصى لمحمد بن تاويت التطواني  والنبوغ المغربي في الأدب العربي لعبد الله كنون  وغيرهم بالإضافة إلى مواقع على الانترنت كموقع الرابطة خصوصا أثناء تعرضنا لسيرة عبد الله كنون وذكر مؤلفاته.
ثانيا: من حيث البناء الشكلي للعرض فهو يتشكل من:
- تقديم عام وفيه كلمة عن الأدب العربي عموما والمغربي خصوصا.
-عبد الله كنون نشأته، دراسته، مؤلفاته.
- أسلوبه في كتاباته ( النبوغ المغربي نموذجا).
- عبد الله كنون العالم الموسوعي  (الشاعر الناقد الأديب...)
وفي النهاية اختتمنا ببعض النتائج التي توصلنا إليها من خلال هذا البحث المتواضع  اسأل الله أن يوفقنا في ذلك كله انه على ذلك قدير .

تقديم عام:

إن الحديث عن الشيء مَدعاة إلى تحديده  وتعريفه وهذا من قبيل البدهيات ولذلك استدعى الأمر منا قبل كل شيء ونحن بصدد دراسة شخصية الأديب عبد الله كنون  أن نقف وقفة قصيرة مع تعريف الأدب.  فكلمة الأدب في اللغة العربية لها مدلولات عديدة تطورت بتطور الحياة العربية من الجاهلية حتى أيامنا هذه عبر العصور الأدبية المتعاقبة، فقد كانت كلمة "أدب" في الجاهلية تعني:الدعوة إلى الطعام. وفي العصر الإسلامي استعمل"أدب" بمعنى جديد:هو التهذيب والتربية.
أما في العصر الأموي، اكتسبت كلمة "أدب"معنى تعليميا يتصل بدراسة التاريخ، والفقه، والقرآن الكريم،والحديث الشريف. وصارت كلمة أدب تعني تعلم المأثور من الشعر والنثر. وفي العصر العباسي .نجد المعنيين المتقدمين وهما: التهذيب والتعليم يتقابلان في استخدام الناس لهما .
وهكذا بدأ مفهوم كلمة الأدب يتسع ليشمل سائر صفوف المعرفة وألوانها ولا سيما علوم البلاغة واللغة أما اليوم فتطلق كلمة "الأدب" على الكلام الإنشائي البليغ الجميل الذي يقصد به التأثير في عواطف القراء والسامعين.

 وقد عرف ابن خلدون الأدب في مقدمته فقال :"الأدب هو حفظ أشعار العرب وأخبارها والأخذ من كل علم بطرف يريدون من علوم اللسان أو العلوم الشرعية من حيث متونها فقط، وهي القرآن والحديث"[1].
فمن كون الأدب في الجاهلية  دعوة الناس إلى الولائم  أو المأدبات  إلى تراث معرفي ضخم  معبر عن حضارة أمة ورقيها بين المجتمعات الإنسانية.  

وإذا كان الأدب المغربي آخر ما تنفست به العربية في أقطارها المفتوحة كما قال محمد بن تاويت فإن هذا التأخر كان تأخر يمن وبركة، غير أن  هناك من يصف الأدب المغربي القديم بأنه أدب مغمور، وذلك لأن الدراسات التي عنيت بالبحث فيه قليلة،  فقد يرجع السبب في قلتها إلى ندرة مصادره الموجودة بحوزة الدارسين، و قد يكون غيرها، موجودا إلا أنه لم يكتب له الظهور إلى اليوم، وينتظر من يزيل عنه الغبار و يكشف عنه النقاب ،كما يصفه بعض الدارسين بالضعف الفني في معظمه ويلحقه بعضهم بالأدب الأندلسي، فيما يرى البعض الآخر أنه لا وجود لما يسمى بالأدب المغربي أصلا وهذا الزعم نستبعده تماما. ونحن عندما نراجع صفحات تاريخ الأدب المغربي في بدايته نجد فعلا أن ظهور الأدب في المغرب عرف تأخرا وذلك لأسباب جغرافية وحضارية واجتماعية وسياسية  عملت فيها  الحروب والفتن دورا كبيرا وأكثر من ذلك فتوحات الأندلس التي تسرب بها العنصر العربي من البلاد[2].مع هذا كله وان قدر للأدب المغربي أن يتأخر ظهوره فهذا لا يعني عدم وجوده  فالاستقرار الذي عرفته الدولة المغربية في بدايتها مهد لظهور هذا الأدب حيث ظهرت  مراكز إشعاع في هذا العهد مثل فاس وسجلماسة والنكور وطنجة فأنتجت هذه المدن رجال علم وأدب ومن بينهم الجراوي المليلي والشاعر إبراهيم بن أيوب النكوري والشيخ محمد بن علي الأموي وعبد الله بن غالب الهمداني وابن حبوس وابن عمران الفاسي  وغيرهم كثير[3].
أما في العصر الحديث فقد انبرى له عدد كبير من الأدباء ، والمؤلفين ، والدارسين فأنتجوا وأبدعوا، فضلا عن كتابة  تاريخ الأدب العربي في المغرب في كتب تتفاوت في أحجامها ومناهجها، فجاء بعضها  في كتاب والبعض الآخر في مجلدات ومن بين هؤلاء الأدباء  المختار السوسي ومحمد بن تاويت التطواني وعلال الفاسي والأستاذ عبد الله كنون هذا الأخير هو موضوع عرضنا والذي ستكون لنا معه وقفات إن شاء الله تعالى.




















المبحث الأول : بطاقة تعريفية:

أولا: ولادته ونشأته:

هو الأستاذ أبو عبد الله محمد بن المدني بن علي بن عبد الله كنون. بفتح الكاف المعقودة وتشديد النون المضمومة. اسم بربري معناه القمر.
ولد عبد الله كنون في الثلاثين من شهر شعبان عام ستة وعشرين وثلاثمائة وألف، الموافق للسابع والعشرين من شتنبر عام ثمانية وتسعمائة وألف 1326هـ /1908م بمدينة فاس ثم انتقل منها إلى مدينة طنجة قصد الهجرة التي حالت بينه وبينها نشوب  الحرب فنشأ فيها في بيت علم وصلاح. وقد ظهر شغفة بالعلم منذ الصغر، واعتنى به والده ورباه تربية إسلامية لا يشوبها تقليد فحفظ القرآن الكريم وأكب ـ مبكرا على كتب الأدب ودواوين الشعر. نظم الشعر وهو في الرابعة عشرة من عمره.
وقد نشأ الأستاذ عبد الله كنون متشبعا بقيم النضال وروح الانتماء إلى الوطن والغيرة عليه فكان  من ألمع جيل الرواد الذين بنوا النهضة وناضلوا من أجل الاستقلال بالفكر والعلم والقلم، وتميز منذ وقت مبكر من حياته، بالنبوغ والتفتح والقدرة على مسايرة الركب الحضاري والثقافي الذي قدر أن تبدأ انطلاقته من المشرق العربي، ولكنه لم يكتف بالمسايرة، بل قادته مواهبه ومؤهلاته وشخصيته إلى السبق، وإلى التفرد، وإلى التميز عن أقرانه وخلانه، فكان مثالا نادرا للعصامية، وكان نسيجا وحده حقا وصدقا، فهو أمين عام رابطة علماء المغرب الذي لم يدرس بجامعة القرويين، ولا في كلية ابن يوسف، ولا تخرج من مدرسة أو معهد أو جامعة، وهو الكاتب والمؤرخ الصحافي والشاعر، وعضو العديد من المجامع العلمية واللغوية والإسلامية، الذي لم يكن يحمل مؤهلا جامعيا، وهو مؤسس النهضة التعليمية في طنجة، وباعث الروح العربية والإسلامية في أبنائها، ومنشئ أول مدرسة حرة بها، ومربي الأجيال، الذي لم يكن قد دخل مدرسة لتلقي العلم في أية مرحلة من مراحل حياته الحافلة بالعمل والعطاء والإنجازات التي تتضاءل أمامها أعمال بعض كبار حملة الإجازات والمؤهلات العليا. وهذا الجانب في حياة الأستاذ كنون هو موضع الاعتبار والتقدير، وهو الميزة التي تشرفه وتعلي من قدره وتبوئه أرفع الدرجات بين العلماء، وأسمى المنازل بين الكتاب والشعراء والمؤرخين والأدباء.
ثانيا دراسته:
فباستقرار شئون العائلة في طنجة بدأ "عبد الله" يأخذ العلم عن والده العالم "عبد الصمد كنون"؛ ويتحدث هو ذاته عن هذه الفترة في مذكراته قائلاً: "... حفظت القرآن الكريم، وزاولت قراءة العلم على مشايخ عدة... وكان مجال دراستي ينحصر في علوم العربية والفقه والحديث والتفسير، وأما الأدب فقد كان تعاطيه هواية".
كما حفظ كنون الأحاديث النبوية والمتون القديمة، وشروحات النصوص اللغوية والنحوية وحواشيها الثانوية؛ فغدا، في فترة وجيزة، عالمًا بالشريعة وأركانها، وباللغة وأسرارها، ولم يبلغ بعد عقده الثاني.
وما أن انتصف عقد العشرينيات من عمره، حتى صار "عبد الله" ذا شهرة واسعة في المغرب والمشرق، وذلك بفضل كتاباته القيمة في صحف البلاد الإسلامي، وبفضل زياراته المتتابعة لتلك البلاد.
وقد سمحت له كتاباته وزياراته تلك بالتعرف على عدد كبير من علماء المشرق وأدبائه وإعلامييه؛ ليخوض معهم نقاشات فكرية وثقافية تتناول واقع الأمة وأحوالها وسبل إخراجها من الأزمات الاجتماعية والفكرية والسياسية والاقتصادية.
كما اشتهر عبد الله كنون بالدقة في البحث العلمي، وبالصرامة في مجال رواية الوقائع التاريخية وتحليلها؛ إضافة إلى سعة معلوماته، وضبطه لفنون الأدب والتاريخ،  
وبجهده الخاص تعلم الإسبانية والفرنسية، فكان يقرأ بهما، ويتابع الجديد الذي يصدر بطنجة وهي يومئذ خاضعة للإدارة الاستعمارية الدولية، حتى صار من قادة الفكر والعلم والعمل الوطني لما انتظم في إطار الحركة الوطنية، من كتلة العمل الوطني في عام 1934، إلى الحزب الوطني في عام 1937 ولكنون مواقف مشرفة في هذه المجالات جميعا. توفي رحمه الله ليلة الأحد 9 يوليو 1989
 ثالثا:مؤلفاته:
خلف الأستاذ كنون أثرا واضحا في الدراسات الأدبية، وفي كتابة التراجم، وفي تحقيق المخطوطات، وفي إصدار الصحف والمجلات وإدارتها والإشراف عليها وتزويدها بالمادة المتنوعة الغنية، وفي العمل الأكاديمي والمجمعي، وفي الدعوة الإسلامية بالحكمة وبالعقل السديد وبالأناة والحلم وسعة الصدر واستنارة البصيرة. وهذه الانتاجات كالتالي[4]:
-النبوغ المغربي في الأدب العربي، جزءان، تطوان، المطبعة المهدية، 1938، 255 + 438 ص. ط2، بيروت، دار الكتاب اللبناني، 1961. ط3، بيروت، دار الكتاب اللبناني، 1961.
-شرح مقصورة المكودي، (القاهرة)، مطبعة مصطفى محمد،
1938، 96ص.
- أمراؤنا الشعراء، تطوان، المطبعة المصرية،
1361هـ.
-مدخل إلى تاريخ المغرب، مطبعة الوحدة العربية،
1944.
- واحة الفكر، تطوان، المطبعة المهدية،
1948، 195 ص.
- تلقيب الوليد الصغير لعبد الحق الإشبيلي، تطوان، المطبعة المهدية،
1952.
- شرح الشمقمقية، القاهرة، تطوان، دار الطباعة،
1954.
- رسائل سعدية، تطوان، دار الطباعة المغربية،
1954.
-ديوان ملك غرناطة يوسف الثالث، تطوان، مطبعة مولاي الحسن،
1958.
-القدوة الزقاقية، مطبوعات معهد الأبحاث العليا المغربية،
1958.
-أحاديث عن الأدب المغربي الحديث، القاهرة، دار الرائد للطباعة،
1964، 211ص. (ط2، البيضاء، دار الثقافة، 1978، ط3.
-لوحات شعرية، تطوان، مطبعة كريماديس، 1976، 196 ص.
-التعاشيب، بيروت، دار الكتاب اللبناني،
1979.
- أزهار برية، تطوان، مطبعة كريماديس،
1976، 196 ص.
- إسلام رائد، بيروت، دار الكتاب اللبناني،
1979.
- كتاب الأربعين الطبية المستخرجة من سنن ابن ماجة وشرحها/ تأليف عبد اللطيف البغدادي، تحقيق عبد الله كنون، الرباط، مديرية الشؤون الإسلامية،
1979، 65 ص.
- جولات في الفكر الإسلامي، تطوان، مطبعة ديسبريس،
1980، 154 ص.
-تفسير سور المفصل من القرآن الكريم، الدار البيضاء، دار الثقافة،
1981، 429 ص.
-فضيحة المبشرين في احتجابهم بالقرآن المبين، مكة، مطبعة رابطة العالم الإسلامي،
1982.
-إيقاعات الهموم: شعر، طنجة، مطبعة سوريا،
1401 هـ ، 128 ص.
-على درب الإسلام، ط
2 الدار البيضاء، دار الثقافة، 1983.
-الإسلام أهدى، الدار البيضاء، دار الثقافة،
1984، 153ص.
-مفاهيم إسلامية، الدار البيضاء، دار الثقافة،
1985، 150ص.
- أشداء وأنداء، طنجة، مطبعة البوغاز،
1986، 202 ص.
-أدب الفقهاء، الدار البيضاء: دار الثقافة،
1988. 214 ص.
-الإمام إدريس مؤسس الدولة المغربية /ع. الفاسي، عبد الله كنون، عبد الهادي التازي ومحمد المنوني، الرباط، الجمعية المغربية للتضامن الإسلامي،
1988، 75 ص. (سلسلة في سبيل الوعي الإسلامي).
بالإضافة إلى هذه الأعمال، لعبد الله كنون أيضا:
-المنتخب من شعر ابن زاكور، العرائش، مطبعة الفنون المصورة.
-مجلة لقمان، تطوان، مطبعة المهدية، (د.ت)،
81ص.
-خل وبقل، تطوان، مطبعة المهدية، (د.ت)
، 279 ص .
-تحركات إسلامية، الدار البيضاء، (د.ت).
-شؤون إسلامية ، دار الطباعة الحديثة (د.ت).
-منطلقات إسلامية، طنجة، مطبعة سوريا، (د.ت).
-العصف والريحان، تطوان، مطبعة كريماديس.
-سلسلة ذكريات مشاهير رجال المغرب، بيروت، دار الكتاب اللبناني.
-مورد الشاعرين.
- محاذي الزقاقية.
-من أدبنا الشعبي
.
كما أن له مجموعة من القصائد الشعرية الرائعة وسيأتي ذكرها فيما بعد.
ولا تزال كتب كنون مراجع هامة تطلب في الجامعات، وتدرس، وتدور حولها الرسائل والأطروحات، ولا تزال جوانب عديدة من حياته في حاجة إلى البحث والدراسة وتسليط الأضواء، فهو شخصية متعددة المعطاءات، غزيرة الإنتاج، وجديرة بكل عناية واهتمام .
المبحث الثاني: أسلوبه في كتاباته ( النبوغ المغربي نموذجا)

لا شك أن الأستاذ عبد الله كنون يعد من ابرز الأدباء المغاربة في العصر الحديث وله سبق في العديد من القضايا الأدبية التي عالجها في كتاباته والتي  أحدثت ثورة أدبية في المغرب بل وفي العالم العربي ولعل السر في ذلك راجع إلى أسلوبه الرصين في المادة الأدبية وذلك في جميع كتاباته ولكننا سنقف مع كتاب" النبوغ المغربي في الأدب العربي"  مستقرئين في ذلك أسلوبه  ومنهجه ومبينين أهم ما تضمنه من الحقائق التاريخية الأدبية والنظريات المعرفية .
أولا: أسباب تأليف النبوغ المغربي وأهميته:
في مستهل الكتاب أفصح الكاتب عن الدواعي التي دفعته إلى  تأليف هذا الكتاب قائلا : "مقصودي الأهم هو بيان اللبنة  التي وضعها المغرب في صرح الأدب العربي الذي تعاونت على بنائه أقطار العروبة كلها وذكرِ الأدباء المغاربة الذين لم يقصروا عن إخوانهم من المشارفة وبقية أقطار المغرب العربي في العمل على ازدهار الأدبيات العربية "[5]. وهذا يعني أن الكاتب أراد أن يعيد رسم خريطة للأدب العربي وان يثبت للأدب المغربي موقعا في هذه الخريطة لان المؤرخين  أثبتوا التاريخ السياسي للمغرب وبالمقابل أهملوا التاريخ الأدبي حتى ضاع جلُّ التراث المغربي وطواه النسيان، فهو إذن  رد اعتبار للأدب المغربي وإنصافه من جور المؤرخين.
  وهو أسلوب في أصله  يشد القارئ إلى متابعة قراءة الكتاب. والإفصاح عن الغاية من الكتابة في موضوع معين خاصة إذا كان في صدر الكتاب هو بمثابة مفتاح الخريطة التي لا يمكن فهمها إلا به.
كما أشار المؤلف إلى انه جمع في كتابه بين العلم والأدب والتاريخ والسياسة والى تصوير الحياة الفكرية في المغرب من لدن قدوم الفاتح الأول إلى يوم الناس وهذا يعطي الكتاب أهمية بالغة  خصوصا فيما يتعلق بمزجه بين الحياة الفكرية والسياسية لان ظروف تأليف الكتاب كما هو معلوم كانت في عهد الاستعمار وهذا الطابع هو الذي جعل العديد من المفكرين والمبدعين المشارقة يتلقونه بترحيب كبير فنجد الأمير شكيب أرسلان الذي قال: "إن من لم يقرأه فليس على طائل من تاريخ المغرب العلمي والأدبي والسياسي"[6] . كما صرح بذلك الأستاذ حنا فاخوري في مقدمة الجزء الأول قائلا: "إن النبوغ المغربي في الأدب العربي كنز من كنوز العلم، ومصدر من أوثق مصادره، وموسوعة مغربية لا يقدرها حق قدرها إلا من لمس النص في كتب الأدب" [7]. 
ثانيا:منهجه في الكتاب :
يمكن عموما ملاحظة نوع من المزاوجة بين المناهج القديمة الموروثة، والمناهج العلمية المستحدثة. وهكذا فهو في الوقت الذي يحافظ فيه على طرق الأقدمين في التقويم والنقد، المعتمدين على اللغة والبلاغة، يزاوج ذلك بالاستفادة من مناهج تاريخ الأدب في المغرب، والتي أخذها من منجزات المشارقة في هذا الميدان. فهو يراعي العوامل الخارجية المؤثرة في الأديب. كما يراعي التعاقب الزمني وتأثيره السببي السابق على اللاحق، مع تنظيم المادة وعدم الاستطراد، وطابع الشمول.
وقد اعتمد عبد الله كنون في طرح مواد هذا الكتاب على طريقتين:
-
أولا: تصنيف تاريخي، حيث صنف النصوص حسب تسلسلها التاريخي.
-
ثانيا: اهتم بتصنيف فني، حيث قسم الأدباء إلى شعراء وكتاب. وقسم أدب كل منهم إلى أغراضه الفنية، والمناسبات التي قيل فيها أدبه، مبينا خصائصه. وقد اعتمد أسسا هي كالتالي:
-1
ربط الأدب بعصره:
لم يغفل بيئة الأدب وظروفه. ولهذا كان يتعرض للظروف السياسية، والاجتماعية التي أنتجت الأدب والأديب. محاولا الربط بينهما. ولهذا تميز منهجه باعتماده على نزعة تاريخية تربط الأدب بتطور التاريخ.
-2
الحكم الفني:
لم يقف عند حدود التصنيف، بل كثيرا ما يلجأ إلى الحكم على النصوص حكما فنيا ونقديا. وكانت تعتمد على أسس النقد العربي القديم.
-3
النزعة النقدية:
النزعة الطاغية في نقده هي: النزعة الوصفية. فهو يكتفي بإيراد النصوص وترتيبها أكثر من الحكم عليها، وتقييمها.
وهذا الكتاب يتألف من ثلاثة أجزاء: الجزء الأول يؤرخ للحياة السياسية، والأدبية والفكرية منذ الفتح الإسلامي للمغرب إلى أواسط القرن الثالث عشر للهجرة. وهو يتكون من 1054 صفحة.
وأول ما يفتتح به هذا الجزء ، هو مقدمة الطبعة الثالثة، والتي تحتوي على كلمة طه حسين حول مضمون الكتاب ومحتواه. ثم نجد مقدمة الطبعة الثانية، وهي بقلم الأستاذ المرحوم عبد الله كنون ، ويليها عرض وتحليل بقلم شكيب أرسلان. ثم تقريظ بقلم محمد بن اليمني الناصري، يمدح فيه الكتاب وصاحبه. ثم بعد ذلك نجد مقدمة الطبعة الأولى وهي بقلم المؤلف.
بعد هذه المقدمات كلها، نجده يقسم هذا الجزء إلى مجموعة من العصور :
العصر الأول: عصر الفتوح وقسمه إلى خمسة فصول: الفصل الأول عنوانه الفاتحون الحقيقيون، سرد لنا فيه مراحل فتح المغرب على يد عقبة بن نافع ثم موسى بن نصير ثم طارق بن زياد، وناقش قضية دخول المغاربة في الإسلام وما شابها من إشكاليات، وبدخول الإسلام إلى المغرب ستلج معه ثقافات أخرى ستؤدي إلى حتمية بديهية هي استعراب المغاربة، وكان حسان بن النعمان الغساني من الممهدين لها -الثقافة العربية- بإرسال فقهاء وعلماء يعلّمون الناس وكذلك فعل موسى بن نصير.
العصر الثاني: عصر المرابطين تناول فيه ستة أبواب؛ بدأه بسياسة المرابطين القائمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيرًا على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، فالدولة ذات توجه إصلاحي على اعتبار أنها دولة الفقهاء، كان عبد الله بن ياسين قائدَ هذه الحملة الإصلاحية الذي قام بإعداد المرابطين لتولي الحكم بعد أن كانوا غارقين في المذهبية والطائفية. فجاء حكم يوسف بن تاشفين الذي وحد العدُوّتين المغرب والأندلس إبان حكمه وعالج عدة إشكاليات وتعلقت به أنظار الناس.
قام عبد الله كنون في هذا الجزء بدحض التهم الموجهة إلى حكم المرابطين بالدليل؛ فأثبت أنه في حكم المرابطين برغم اعتناء الدولة بالفقه إلا أنها لم تعترض سبيل العلوم الأخرى، كما أورد قصة إحراق كتاب إحياء علوم الدين للغزالي، ولم يغادر هذا العصر قبل أن يعرج على قصة المعتمد بن عباد مع ابن تاشفين ولم يلتمس للمعتمد أي عذر لكثرة بكائه أو ما ادعاه.
ذيل لنا هذا العصر بذكر تراجم علماء وفقهاء وقضاة وأدباء، والملاحظ أن هؤلاء العلماء كانوا شاملين لمختلف العلوم تمامًا مثل علماء الشرق والأندلس، لا يقتصرون على علم واحد مثل ابن مرانة الذي كان على علم بالحساب والفرائض والهندسة.
كما ظهرت في هذا العصر عدةُ علوم من نحو وصرف وشعر وكتابة، وكان أمراء المرابطين أسبقَ الناس طلبًا للعلم والتحصيل، بل حتى النساء منهم شغفن بالأدب والشعر مثل تميمة بنت يوسف بن تاشفين، وزينب بنت إبراهيم.
ولا أدلَّ على عناية المرابطين بالعلم من عنايتهم بإنشاء المراكز العلمية مثل الاهتمام بجامع القرويين وإنشاء جامع ابن يوسف ومدرسة الصابرين بفاس.
العصر الثالث: عصر الموحدين، ويسير على نفس النهج، بدأ بذكر دعوة ابن تومرت الإصلاحية الذي حمل عدة صفات تؤهله إلى ذلك فلم يطمع في الحكم، لذلك وجدت دعوته آذانًا صاغية بايعته على الموت، حتى تمكن منه المرابطون وقتلوه، وخلفه عبد المؤمن بن علي، فقامت دولةُ الموحدين شامخة في مرَّاكُش.
ثم أتى على ذكر الحركة العلمية والأدبية في هذا العصر التي كانت امتدادًا لعصر شهد حرية أكبر فأقبل الناس على العلم والتحصيل، واستمر المذهب المالكي حتى مجيء يعقوب المنصور فأحرق مدونة سحنون ونوادر ابن أبي زيد القيرواني والمختصر والتذهيب للبرادعي، وتوسعت العلوم في العصر الموحدي في الحديث والفقه والتصوف والفلسفة وكذلك علم الكلام الذي كان محظورًا في الحكم السابق، أما العلوم الأدبية لهذا العصر فقد ظهرت عدة آراء نحوية وعدة مدارس منها مدرسة فاس وسبتة ومدرسة طنجة، وظهرت عدة منظومات نحوية كالألفية النحوية لابن مُعْط، والمقدمة الجُزُولية لابن موسى الجُزُولي، وظهر علماء يحفظون حُوشِيَّ اللغة، هذا في ميدان النحو، أما في علم العروض فقد لمع ضياء الدين الخزرجى صاحب القصيدة الخزرجية وأبو الجيش الأنصاري، ثم تشجيع الموشحات والأزجال إذ انقطع إلى أمرائها عدد من الوشاحين يمتدحونهم.
ونشأت مدرسة جديدة للزجل عرفت باسم عروض البلد وتطورت أهم الأغراض كالحماسة والحرب والمدح والوصف والوصايا والحكم.
أما في السير والتاريخ فقد وضع في هذا العصر كتاب المعجب في تلخيص أخبار المغرب لعبد الواحد المراكشي، كما ألف كتاب الدر المنظوم في مولد النبي المعظم للعلامة أبي العباس أحمد ....الخ
ثم اختتم بذكر علوم الحكمة التي راجت في هذا العصر بتراجمهم وآثارهم ومنجزاتهم.
عصر بني مرين: برغم قوة الموحدين وعظم شانها إلا أنها انهارت أسوة بغيرها وآل الأمر إلى بني مرين، فشأن هذه الدولة كسابقاتها أتت من الصحراء طمعا في الحكم وكانت عواملُ قيامها كسائر الدول الأخرى، واعتمادها على المهارة وحسن التدبير.
لكنهم أبانوا عن بسالة في الحرب والجهاد، فهم عرب أصليون عادوا إلى إقرار المذهب المالكي وضمت مجالسهم سائر العلماء والأدباء والفصحاء، فأظهروا العناية بالعلم، وتشهد خزانة القرويين التي أنشأها السلطان أبو عنان على ذلك.
على غرار العصرين السابقين بعد الحديث عن ظروف الحكم والسياسة ينتقل المؤلف إلى الحديث عن الحركة العلمية التي شابها بعضُ الفتور في مرحلة الانقلاب، لكنها ما فتئت أن عادت تحظى بعناية الدولة وسياستها.
بل إن من رجال الدولة وأعيانها من كان يجلس إلى طلب العلم ومنهم الأدباء والعلماء ومنهم من كان يناظر الفقهاء.
العلوم الدينية في هذا العصر توسعت توسعًا كبيرًا؛ فكثرت أصوات الفقهاء، وكثرت مؤلفات الفروع، خاصة بعد مرحلة التضييق في المراحل السابقة ثم سمو مرتبة المشتغلين في الفقه.
أما من الناحية الأدبية فقد وصلت إلى أعلى مراتبها، إذن فدولة بني مرين عربية صرفة تشجع كل من يعمل على رقي العربية، هذا ما يفسر كثرة النحويين في هذا العصر مثل ابن آجروم وابن المجراد وابن هانئ وابن المراحل والمكودي، وألف اللخمي كتابًا فيما تلحن فيه العامة.
العصر السعدي: و يشتمل على:
-
سياسة الدولة.
-
الحركة العلمية.
-
الهيئة العلمية وأثارها.
-
أسماء الكتب المؤلفة في هذا العصر.
-
الحياة الأدبية.
-
تراجم لرجالات هذا العصر.
أما عصر العلويين. فعناوين هذا الباب هي:
-
مع الدولة العلوية.
-
الحركة العلمية.
-
الهيئة العلمية و آثارها.
-
أسماء الكتب المؤلفة في هذا العهد المؤرخ.
-
الحياة الأدبية تراجم لرجالات هذا العصر.
وبعد البحث الطويل والدقيق الذي يقدمه لنا عبد الله كنون، نقف على مصادر الكتاب التي قسمها إلى مصادر عامة، ومصادر خاصة، ومصادر أجنبية. ثم فهرس الجزء الأول.
أما الجزء الثاني: فقد جمع فيه المنتخبات الأدبية ( قسم المنثور).  وجاءت فاتحة هذا الجزء برسالة كارل بروكلمان إلى الشيخ العلامة كنون في 7 رجب 1361هـ.
وخصص هذا القسم للحديث عن:
التحميد والصلاة: وأولى النصوص التي ذكرها في هذا الجزء فهو نص للقاضي عياض السبتي جمع فيه بين توحيد الله عز وجل والصلاة على النبي، وتسبيح المهدي بن تومرت والصلاة لعبد السلام بن مشيش المعروفة بالصلاة المشيشية، والحزب الكبير لأبي الحسن الشاذلي وهو عبارة عن أذكار وأدعية ذات نفَس صوفي ونزعة فلسفية لأبي الحسن الشاذلي إلى غير ذلك من النصوص ذات الطابع الروحي والابتهالي.
 الخطب : ويستهلها بذكر خطبة طارق بن زياد، ثم خطبة إدريس الأزهر التي قالها إثر مبايعته وهو ابن إحدى عشرة سنة، وخطبة للقاضي عياض، وعبد الله بن ياسين ثم واصل بذكر عدة خطب لقادة الدول التي تعاقبت على حكم المغرب،
 المناظرات: واستهلها بالمناظرات الدينية، كمناظرة أبي عمران الفاسي لفقهاء القيروان، وفي الأدب مناظرة مالك بن المرحل لابن أبي الربيع النحوي، وفي السياسة مناظرة المهدي بن تومرت لعلماء مراكش.
الرسائل: وقسمه إلى ثلاثة أقسام: السلطانيات، الإخوانيات، المتفرقات.
أما السلطانيات فقد تناول فيها العديد من رسائل السلاطين. وأما الإخوانيات فضمنها رسائل بعض العلماء إلى بعضهم، هذا على سبيل الاختصار.
المقامات يذكر فيها من المقامات المغربية مقامة الافتخار لعبد المهيمن الحضري، والمقامة الزهرية، والمقامة الحسابية لبعض أدباء فاس.
ثم يأتي على قسم المحاضرات فيفتتحه بمحاضرة  إدريس الأزهر يحكيها داود بن القاسم بن عبد الله الذي شهد معه بعض غزواته للخوارج الصفرية من البربر ويروي لنا بعض طقوسه وشيمه في الحروب.
ثم ختم هذا الجزء بالمقالات؛ وذكر فيها مقالات للقاضي عياض وابن بطوطة وغيرهم.
وأما الجزء الثالث والأخير فقد: خصصه كذلك للمنتخبات الأدبية (قسم المنظوم ) وافتتحه بقلم الأستاذ حنا فاخوري الذي أثنى كثيرًا على قيمة النبوغ المغربي في صرح الأدب العربي وعلى عبقرية الشيخ العلامة الفذة، واعتبره من أوثق المصادر التي تناولت الأدب العربي من غير تحيز، وعده كنزًا ثمينًا من كنوز العلم، ومصدرًا من أوثق مصادره، وموسوعة مغربية لا يقدرها حق قدرها إلا من لمس النقص في كتب الأدب، ثم يتبع بمقدمة قصيرة للأستاذ عبد الله كنون يشرح فيها كيف انتهى من هذه النصوص، والمنهج الذي اتبعه في تبويبها حسب الأغراض الكلامية.
وأول هذه الأغراض هو غرض الحماسة والفخر افتتحه بقطعة من أربعة أبيات للمولى إدريس الأكبر يخاطب فيها بهلول بن عبد الواحد ثم قطعة لعبد المؤمن بن علي يستنفر بني هلال، وأغلب هذه النصوص هي لحكام المغرب وعلية القوم من الأمراء.
هذه القصائد مختلفة الحجم منها أبيات منفردة وأخرى مقطعات ومنها قصائد طويلة وقصيرة ومتوسطة، نجد مثلا ميمية مالك بن المرحل تتكون من 51 بيتًا على وزن الرجز التام، وملحمة الملزوزي البارعة في ذكر غزوات يعقوب المنصور وهي بائية على وزن الوافر تتكون من 139 بيتا تعتريه عدة زحافات وعلل.
الغرض الثاني الغزل والتشوق والنسيب افتتحه بخمس أبيات لإدريس الثاني وقصائد أخرى لابن القابلة السبتي، وأخرى لأبي بكر بن عطاء السبتي، وقصيدة ابن الحسن بن العباس، كما ورد في الجزء أبيات للقاضي عياض وللسلطان أبي عنان المريني، ومالك بن المرحل...الخ.
الغرض الثالث هو الوصف افتتحه بقصيدة لأبي الحسن بن زنباغ يصف الربيع:
أبدت لنا الأيامُ زهرةَ طيبهـــا          وتسربلت بنضيرها وقشيبهـا
واهتز عطفُ الأرض بعد خشوعها          وبدت بها النعماءُ بعد شحوبها
ونجد أيضًا وصفًا للناقة عند أبي العباس بن غازي السبتي، ونجد وصف الليل والنخيل ووصف المدن والصيد وحياة الصائد في البرية.
الغرض الرابع يتضمن الأدب والوصايا والحكم، فمن أشعار الحكمة المغربية أبيات ليعلى أبي الجبل في الحث على السفر:[8]
سافِر لتكسب في الأسفارِ فائدةً            فرُب فائدةٍ تلقى مع السفـــــرِ
فلا تُقم في مكانٍ لا تُصيـب به           نُصحًا ولو كنت بين الظل والشجـرِ
فإن موسى كليم الله أعــوزه            علمٌ تكسبه في صحبة الخضـــرِ
وقول القاضي عياض ضده:[9]
تقعَّد عن الأسفار إن كنت طالبا             نجاةً  ففي الأسفار سبع عوائـق
تشوق إخوان وفقدُ أحبـــة              وأعظمها يا صاح سكنى الفنادقِ
وكثرة إيحاش وقلة مؤنـــس              وتبذير أموال وخيفة ســارقِ
وللعلامة المكودي قصيدة في السيرة النبوية إضافة لقصيدة أبي حفص الفاسي على منوال لامية العجم على البحر البسيط، وقصيدة لأبي عبد الله الشرقي.
الغرض الآخر هو المدح والتهنئة والاستعطاف؛ ضم هذا الجزء عدة قصائد للقاضي أبي الحسن بن زنباغ وابن حبوس في مدح عبد المؤمن وأخرى لابن العباس الجرَّاوي وابن هانئ السبتي مراجعًا لأبي القاسم الشريف عن شعر بعثه إليه من نفس الوزن والروي.
إضافة إلى غرض آخر هو المدح والطرف والموشحات والزجل.
المبحث الثالث: عبد الله كنون العالم الموسوعي ( الشاعر الناقد الأديب...)
يعتبر عبد الله كنون موسوعة معرفية ضخمة وبحرا متلاطم الأمواج في أحشائه، ذلك أن الرجل جمع العلم من جميع أطرافه فهو المفكر والمؤرخ والأديب والقصاص وهو الناقد والشاعر والمفسر...
عبد الله كنون شاعرا : إن الناظر إلى تراث الأستاذ عبد الله كنون يظن انه لا حظ له في الشعر وذلك لان معظم إنتاجاته إما نثرا أونقدا أو تأريخا ... والحقيقة أن الأستاذ كنون كان يأخذ من كل فن بطرف فله مجموعة من القصائد الشعرية الرائعة وهي ذات طابع وطني  نضالي وهذا ما يؤكد أن الرجل كان متشبعا بقيم النضال  والوطنية وروح الانتماء وان شاعريته كانت تنبع من قيمه النضالية .ومن هذه القصائد:
قصيدة : سل عنك اللهم. وعربي حر. وهل أنا أديب. و هواجس الطبيعة. والحماسة العصرية.وغيرها...
 وفيما يلي بعض الأبيات من قصيدة سل عنك اللهم:
سل عنك الهم إنــا          لا نبالي بالهمـــوم
نحن قوم برضانــا            تنجلي كل الهمــوم
لا يشب الحزن منا            جاحم الخطب الأليـم   
لا نسيئ الأدب الوا           جب للمولى العليــم  
عجبا للعبد يرضـى          حكمَ ظَلاًّمِ غشــوم
عبد الله كنون ناقدا: تتجلي لك نزعته النقدية  من خلال كتاباته الأدبية ففي النبوغ المغربي مثلا وقد رأينا ذلك سابقا : نجد انه لم يقف عند حدود التصنيف، بل كثيرا ما يلجأ إلى الحكم على النصوص حكما فنيا ونقديا.
 ونجده يتحدث عن الشعر المغربي واصفا إياه بالضعف ، وضعفه آت من عدة عوامل منها قلة الحصيلة اللغوية عند الشعراء ، ومنها عدم التمكن من قواعد الشعر ، يقول: "ولقد وجدت ذات مرة في قصيدة لأحد الشعراء الذين منحوا الجائزة الأولى تفعيلة زائدة في بيت من أبيات القصيدة . ومن الغريب أن هذه الزيادة المباركة مما يدل على أنه كما يكون النقاد يكون الشعراء"[10].
عبد الله كنون أديبا:  وان كان عبد الله كنون أبدع في ميدان النقد والشعر فانه يبقى الأديب المحنك صاحب التعاشيب والأحاديث والنبوغ وخل وبقل  والحق أن الأستاذ عبد الله كنون إذا نظرت إلى شعره تقول انه ليس له تخصص غير الشعر وإذا نظرت إلى نقده تقول إن الرجل ليس له تخصص غير النقد وهكذا فالرجل ذو باع طويل في مجال المعرفة عموما وهذا ما لا تجده يجتمع في شخص إلا نادرا.
 خاتمة
برغم الإهمال والتهميش الذي تعرض له الأدبُ المغربي طول العصور الماضية، إلا أن العلامة عبد الله كنون بمبادرته الوطنية في تأليفاته وخصوصا  كتاب النبوغ المغربي استطاع أن يلملم التراثَ المغربي الموزع في مظان الكتب واستخراج كنوزه وحفظها من الإهمال والضياع. بل يمكن أن نقول إن الفضل يعود له في إخراج الأدب المغربي إلى الوجود فهو صاحب نظرية الأدب المغربي لان ذلك لم يمن معروفا من قبل،
وهو بذلك أثبت مكانة الأدب المغربي في صرح الأدب العربي كما كان يطمح رحمه الله، وأعلن هذا في مقدمة كتابه شاء من شاء وأبى من أبى، ويكفينا فخرًا الحفاوة التي حظي بها الكتاب في الأوساط الثقافية والأدبية، وتهافت العلماء على دراسته وقراءته، وهذا أكبر دليل على حاجة العالم إلى معرفة الأدب المغربي الصرف وذاكرته .




























                                    الفهرس:

الموضوع                                                                          الصفحة
كلمة عن المنهح ............................................................. 1
تقديم عام.....................................................................2
المبحث الاول : بطاقة تعريفية ................................................. 4
ولادته  ونشأته ...............................................................4
دراسته.......................................................................4
مؤلفاته...................................................................... 5
المبحث الثاني: أسلوبه في كتاباته ( النبوغ المغربي نموذجا).........................7
أولا: أسباب تأليف النبوغ المغربي وأهميته........................................7
ثانيا:منهجه في الكتاب.........................................................8
المبحث الثالث: عبد الله كنون العالم الموسوعي ( الشاعر الناقد الأديب...)........13
عبد الله كنون شاعرا ........................................................ 13
عبد الله كنون ناقدا ..........................................................13
عبد الله كنون أديبا ......................................................... 14
خاتمة........................................................................14
الفهرس .....................................................................15


المقدمة لابن خلدون  ص553[1]
 الوافي في تاريخ الأدب في المغرب الأقصى لمحمد بن تاويت ص 9[2]
نفس المصدر ص  14/15 [3]
 كما وردت في موقع اتحاد كتاب المغرب):[4]
  النبوغ المغربي ص 9 [5]
  النبوغ المغربي ص 8 [6]
 النبوغ المغربي ص 8 [7]
[8]  النبوغ المغربي - ص : 763
[9]  نفس المرجع السابق
 خل وبقل  ص : 202 [10]

د محمد عمارة يتحدث عن: موقف الإسلاميين من الغرب وأسباب ظاهرة الإسلاموفوبيا ..

تعرف على قصة قلم الرصاص

المتابعون