لا يمتري أحد من المسلمين أن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان وعلى هذا الاساس تقع مسؤولية اهل العلم ففي كل عصر وجدوا عليهم ان يفهموا الاسلام وفقا لما يعيشونه في عصرهم وما يتطلبه واقعهم لانه فيه كل شيء "...فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ.."(الترمذي). "ما فرطنا في الكتاب من شيء" (الأنعام: 38). وطبعا هذه مسؤولية جسيمة وهي ليست وظيفة من هب ودب من الناس بل الاحرى انه لا يحق له الحديث عنها لانه حينما تفهم الاشياء على عكس ما قصد منها فتلك لعنة لا يمكن الخلاص منها.
وفي كل عصر من العصور يجب ان يكون هناك ربط بين النص والواقع والعلماء وحدهم هم الذين يستطيعون فهم الواقع وفهم النص وفهم مدى انطباق النص على الواقع من اجل استنباط الحل واتخاذ التدابير اللازمة من اجل تحقيق هذا المطلب وليس ايا كان مؤهلا لتحمل هذه المسؤولية. فتدبير الشأن الديني في أي مصر من الامصار لا بد ان يكون خاضعا لتوجيه محكم ولا بد ان يكون مراعيا لخصوصية هذا البلد اذ اثبتت التجارب عبر التاريخ ان أي اصلاح ديني لا يكون مراعيا لخصوصية البلد المعني دائما ما يصطدم بصخرة الخصوصية فمراعاة هذه الامور يجب ان تكون من الأولويات يهتم بها أهل العلم والمفتون في فتاواهم بدلا من ان يطلقوا فتاوى عشوائية عبر الفضائيات التي أصبح بعضها فضاء ومنبرا لتصدير فتاوى حسب الهوى.